سبب خلق المسيح من ام عذراء دون اب
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ دينى حياتى,الدين والحياه,الرسل,عيسى بن مريم كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ? انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى? يُؤْفَكُونَ{ مَا الْمَسِيح اِبْن مَرْيَم إِلَّا رَسُول قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْله الرُّسُل } وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره اِحْتِجَاجًا لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِرَق النَّصَارَى فِي قَوْلهمْ فِي الْمَسِيح . يَقُول مُكَذِّبًا لِلْيَعْقُوبِيَّةِ فِي قِيلهمْ : هُوَ اللَّه , وَالْآخَرِينَ فِي قِيلهمْ : هُوَ اِبْن اللَّه : لَيْسَ الْقَوْل كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة فِي الْمَسِيح , وَلَكِنَّهُ اِبْن مَرْيَم وَلَدَتْهُ وِلَادَة الْأُمَّهَات أَبْنَاءَهُنَّ , وَذَلِكَ مِنْ صِفَة الْبَشَر لَا مِنْ صِفَة خَالِق الْبَشَر , وَإِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ رَسُول كَسَائِرِ رُسُله الَّذِينَ كَانُوا قَبْله فَمَضَوْا وَخَلَوْا , أَجْرَى عَلَى يَده مَا شَاءَ أَنْ يُجْرِيه عَلَيْهَا مِنْ الْآيَات وَالْعِبَر بِحُجَّةٍ لَهُ عَلَى صِدْقه وَعَلَى أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه
المسيح عليه السلام ما هو إلا رسول مثل من سبقوه من الرسل وأمه (صدِّيقة) مصدِّقة بما جاء به، والدليل على بشريتهما أنهما يحتاجان كسائر البشر لما يَقوَّم حياتهما من طعام وشراب وكساء، والأولوهية المدّعاة منهم تتنافى مع هذا الاعتقاد وهذا هو الإفك بعينه الذي يتصادم مع العقل المجرد عن الهوى.
مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ "(75)/المائدة.
هذه الآية تثبت بشرية المسيح وأمه مريم وإنهما رغم وصفهما باعلى صفات البشر ,فالمسيح وصفه بأنه كان رسول فهو إذن إنسان ووصف أمه مريم بأنها صديّقة وهي من البشر والدليل على انهما من البشر قوله تعالى:" كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ" وذلك انه يدل على النقص والإحتياج ويفتقران إلي الطعام افتقار الحيوانات، وقال البيضاوي:" بيّن أولاً أقصى مالهما من الكمال، ودل أنه لا يوجب لهما ألوهية؛ لأن كثيرًا من الناس يشاركهما في مثله، ثم نبه على نقصهما، وذكر ما ينافي الربوبية ويقتضي أن يكون من عداد المركبات الكائنة الفاسدة، أي: القابلة للفساد، ثم عجب ممن يدعي الربوبية لهما مع أمثال هذه الأدلة الظاهرة، فقال: { انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنا يؤفكون } أي: كيف يُصرفون عن استماع الحق وتأمله، و { ثم } للتفاوت بين العجبين، أي: أن بياننا للآيات عجب، وإعراضهم عنها أعجب. اهـ
والسؤال الآن هل استعمال حاجتهما الى الطعام كناية عن نفي الالوهية عنهما في هذا المقام له وجه بلاغي... والجواب لا يوجد أي وجه بلاغي في هذا قال الرازي:" أن الأكل عبارة عن الحاجة إلى الطعام، وهذه الحاجة من أقوى الدلائل على أنه ليس بإل?ه، فأي حاجة بنا إلى جعله كناية عن شيء آخر".اهـ
والصحيح كما أرى ان احتياحهما الى الآكل كناية عن نقصهما ...والكناية لا تستعمل للكناية عن شيئ آخر,وكذلك مفهوم النقص يتضمن العجز ويدل دلالة واضحة على عدم الالوهية .
واما قوله تعالى في آخر الآية :"ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ "...فقد فسر العلماء لفظ أنّى بمعنى كيف ,أي انه كيف يصرفون عن الحق، ولكن .أنّى" جاءت في القرآن بمعنيين اولاهما كيف كما في قوله تعالى:" نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ",كما وجاءت بمعنى من أين كما في قوله تعالى:" كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)...وفي هذه الآية التي نحن بصددها فلفظ أنّى قد يجيئ بمعنى كيف وكذلك بمعنى من أين...ويقصح معنى الآية :كيف تصرفون عن الحق بعد بيانه وجلاء الالتباس في الوهيتهما.
والله اعلم